فتيات فلسطينيات يبتكرن عصا الكترونية للمكفوفين
نابلس-رنا خموس- شبكة المؤسسات الإنسانية - 2010-05-10
الطالبة اسيل الشعار احدى مبتكرات العصا
كانت عيونهن تلمع فخرا بما أنجزت أعمارهن الصغيرة..أسيل ونور طالبتان من مدرسة عسكر الأساسية الأولى التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين في مخيم عسكر شرق مدينة نابلس، حملهن الطموح لرفع اسم بلدهن عاليا، فكان لهن ذلك بعد ابتكارهن عصا الكترونية للمكفوفين.
من زوايا غرفة ضيقة طبع على جدرانها صور الفتيات وهن يرشدن المكفوفين لمساعدتهن باستخدام العصا التقت "شبكة المؤسسات الإنسانية" بهن في مختبر العلوم.
تبتسم أسيل الشعار (14 عاما) في الصف التاسع الإعدادي ولا تتردد في الحديث إلى عدسات الكاميرات التي أتت من مدن ووكالات عالمية مختلفة لتصوير طاقم المشروع للحديث عنه.
عصا مطورة
الطالبة نور العارضة الى اليمين تشرح كيفية صنع العصا الالكترونية
تبدي أسيل فرحتها في نجاح اختراعهن واعتباره ابتكارا جديدا يسجل باسم بلدها، وتمثله فتيات من المخيم، وتقول :"هذا فخر لي ولكافة طالبات فلسطين، فرحتي لا توصف لمشاركتي في ذلك، وقد وجدت التشجيع الكبير من الجميع دون استثناء".
وعن آلية عملها تشرح أسيل "العصا تحتوي على مجسات IR ترسل أشعة تحت الحمراء لتتحسس العوائق الأمامية والحفر وتساعد الكفيف على صعود وهبوط الدرج، ويتكون من عدة أجهزة مهمة وأهمها المجسات والدارة الكهربائية العادية البطارية وعصا خشبية مجوفة من الداخل حوافها الخارجية غير حادة، ولديها مقبض تمكن الكفيف من استعمالها بطريقة سهلة، وأيضا "الرجاج" إذا كانت لديه إعاقة مركبة سمعية وبصرية ليتحسس وجود حفرة أو درج.
وتضيف أسيل، وعند اصطدامها بحاجز أو عائق ترتد هذه الأشعة للدارة الكهربائية وتطلق على شكل صوت لتنبيه الكفيف، أما المجس الأرضي إذا وجد عائق فان الدارة الكهربائية تفتح ولا يطلق صوت، أما إذا وجد حفرة أو درج تغلق ويطلق على شكل صوت.
تشاركها في الحديث نور العارضة وهي طالبة في ذات الصف الدراسي وتبلغ من العمر 14 ربيعا وتشارك أسيل في المشروع.
تقول نور، أن أهم جزء في الابتكار هو المجس الأرضي، وهو الشيء الجديد الذي أضفناه على العصا وما يميزها عن بقية العصي الالكترونية الموجودة في العالم، فهي عصا مطورة.
وقد كان الدافع الأهم لابتكار العصا كما قالت الطالبتين هو دافع إنساني، خاصة أنهن يعشن في المخيم ويتميز بضيق أزقته وما يواجه الكفيف بالذات من صعوبات أثناء تنقله حتى في منزله ومؤسسته التي يعمل بها، فكانت الفكرة الرئيسية -كما ذكرت الفتاتان- هي مساعدة الكفيف وتسهيل حياته اليومية عليه، خاصة كفيف المخيم.
وتتابع حديثها، نحمد الله كثيرا إلى ما وصلنا إليه ونهديه إلى معلمتنا المشرفة على المشروع ولذوينا فنحن قد وصلنا إلى هنا بفضلهم واهتمامهم، وسعدنا كثيرا أننا استطعنا أن نرفع اسم وطننا عاليا رغم ما نعانيه من ظروف صعبة.
رغم الصعوبات
صور تظهر استخدام العصا من قبل المكفوفين
بدورها، تقول جميلة عمر مدرسة العلوم والتكنولوجيا في مدرسة عسكر الأساسية الأولى والمشرفة على الطالبات، لقد قمنا بالمشاركة في مسابقة على مستوى مدارس الوكالة وفاز مشروع العصا الالكترونية من أصل 63 مشروع تم اختيار ثلاثة كنا من بينهم، وتم تأهيله للمشاركة بمعرض فلسطين العلمي التكنولوجي في مدينة رام الله، ومن بين 52 مشروعا، فاز منها 15 مشروعا وكنا من بين الثلاثة التي اختيرت للمشاركة بمعرض "إنتل" السنوي العالمي الذي يقام بالولايات المتحدة الأمريكية.
وكان اختيارنا يقع على فكرة تخدم فيها الإنسانية، وتساعد على توظيف التكنولوجيا والعلوم لخدمة فئة إنسانية هامة في المجتمع، وهي فئة المكفوفين.
ورغم ما تعيشه الطالبات من ظروف-كما تشير عمر- إلا أنهن استطعن الابتكار، فالظروف التي يعيشها طلاب وطالبات المخيمات الفلسطينية صعبة للغاية، ولا يوجد بيئة توفر لهن عوامل الابتكار ورغم ذلك استطعن انجاز شيء جديد، فكانت الفكرة ان يقدموا شيئاً لمكفوفي المخيم البالغ عددهم 13 كفيفا، ومساعدتهم على تجاوز الطرق الداخلية المعيقة للحركة داخل أزقته.
وعن الرسالة التي استطاعت المدرسة بطالباتها إيصالها، تؤكد معلمة مادة العلوم والتكنولوجيا استطاعت فتيات صغيرات التأكيد على تغير وجهة النظر السائدة عن الشعب الفلسطيني، بأنه ليس لديه القدرة على الابتكار، وليست لديه المقدرة على عمل أي شيء، وانه شعب يبحث عن "المشاكل والإرهاب" كما يبثون في وسائل الإعلام، فأردنا إيصال العاستغفر الله، أن الشعب الفلسطيني رائع ومميز وفيه نواة جميلة وعندما يعتنى بها تثمر وتتفتح منه طاقات رائعة.
فخر وإبداع
طالبات فلسطينيات يبتكرن عصا الكرتونية للمكفوفين
أما مديرة المدرسة رجاء صلاح تبدي فخرها بما أنجزته طالبات المدرسة، وتذكر الصعوبات التي مررن بها في توفير الأدوات للعصا، حيث بذلوا جهد كبير من اجل الحصول عليها وقد تحملت المدرسة تكلفة المشروع كاملة، وكان العمل بشكل متقطع على مدار ستة شهور، بالإضافة إلى الأبحاث والاستمارات التي قامت الفتيات بجمعها من اجل مشروعهن والوقت الطويل الذي بذل للوصول إلى هذه المرحلة.
وتقول صلاح " إن ما قامت به الفتيات انجاز كبير، ونوجه رسالة لكل المعنيين بتبني مثل هذه الطاقات الكامنة، فطلبتنا بحاجة إلى دعم ومساندة، فنحن بأمس الحاجة لاستثمار طلابنا لخدمة المجتمع وتنميته، وهي رسالة لإيصال صوت فلسطين عاليا".
وتؤكد مديرة المدرسة، أن الفتاة الفلسطينية هي فتاة رائعة ومتعلمة، وفلسطين تنتج فتيات قادرات على الانجاز والإبداع، رغم ما يعشنه من ظروف صعبة، فالمخيم يبقى مخيم بضيقه وقلة الإمكانيات الموجودة لديه وعدم توفر بنية تحتية له، فما من بيت داخل المخيم إلا ولديه معتقل أو شهيد، ناهيك عن نسبة الفقر المرتفعة والوضع المعيشي الصعب.
البوابة 
